تمكن التلميذ عمر الحريري من تسجيل أعلى معدل وطني في شعبة الرياضيات خلال الموسم الدراسي الحالي في إنجاز لا يعكس فقط نبوغه الأكاديمي بل يعبر عن مسار طويل من الالتزام والصبر والانضباط حيث يعتبر هذا التتويج ثمرة مجهودات يومية شاقة في مسلك تعليمي يُصنف من بين الأصعب على الصعيد الوطني
ويعد تحقيق هذا المعدل في شعبة تتطلب من الطالب أكثر من مجرد ذكاء أو سرعة بديهة بل تحتاج إلى صرامة مع الذات وانضباط متواصل يشبه ما يعيشه الجنود في ساحات التدريب وهو ما نجح عمر في ترسيخه داخل حياته الدراسية من خلال تكريس ساعات طويلة للمراجعة والعمل المكثف رغم صعوبة المحتويات العلمية وتعقيد المفاهيم الرياضية والفيزيائية
وقد تنوعت التحديات التي واجهها بين مفاهيم رياضية دقيقة كالمعادلات التفاضلية والمتتاليات واللوغاريتمات والثوابت الرياضية إضافة إلى مواضيع متقدمة في الفيزياء مثل النواس والمعايرة والقوى والدوائر الكهربائية فضلا عن دروس علوم الحياة والأرض التي شملت مفاهيم الوراثة والمناعة والتنفس الخلوي والتقلص العضلي دون إغفال مواد التفكير والتحليل مثل الفلسفة واللغات الأجنبية التي تطلبت بدورها مجهودا موازيا للحفاظ على التميز
رغم الضغط الكبير وانعدام لحظات الترفيه المعتادة بالنسبة لمن هم في سنه إلا أن عمر اختار الالتزام الكامل بمساره التعليمي حيث تخلى عن متع يومية بسيطة ككرة القدم أو اللقاءات مع الأصدقاء مفضلا طريقا وعرا لكنه معبّد بقيم التفوق والعزيمة والانتصار الشخصي
ويكتسب هذا التتويج بعدا إنسانيا أعمق حين نعلم أن عمر ينحدر من بيئة اجتماعية متواضعة وأن تكوينه تم داخل مؤسسات التعليم العمومي مما يجعل من قصته نموذجا لإمكانيات النجاح المتاحة لكل من يتحلى بالطموح والعمل الجاد رغم محدودية الوسائل
في ظل هذا الإنجاز يرفض الكثيرون حصر التفوق الدراسي في مقارنات نمطية تختزل الأمر في تفوق جنس على آخر حيث يثبت عمر الحريري أن النجاح الحقيقي لا تحكمه هذه المقارنات بل تصنعه الإرادة والقدرة على تجاوز الذات والمثابرة المتواصلة لتحقيق الأهداف