جريمة سيدي بطاش: مثول صاحب ضيعة وحارسها أمام غرفة الجنايات بالرباط سبق لغرفة الجنايات الابتدائية أن أدانتهم، قبل سنتين، بالسجن المؤبد.
تنظر الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط في ملف تصفية شاب داخل ضيعة فلاحية مملوكة لمستشار بجماعة سيدي بطاش، حيث يتابع في هذه القضية رفقة ابنه وحارس ضيعته، وسبق لغرفة الجنايات الابتدائية أن أدانتهم، قبل سنتين، بالسجن المؤبد.
وقالت الأخبار التي اوردت التفصايل، أن المتهمين الثلاثة مثلوا، من جديد أمام الهيئة القضائية في ثالث جلسة خلال المرحلة الاستئنافية، في انتظار حسم الملف خلال جلسة نهاية الشهر الجاري، بعد استكمال المناقشة ومرافعات الدفاع وممثل النيابة العامة.
وواصل رئيس الهيئة القضائية استنطاق المستشار الجماعي النافذ بمنطقة سيدي بطاش وابنه وحارس الضيعة الفلاحية، التي عثر بداخلها على جثة الشاب الضحية، حيث أصروا على إنكار تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي تواجههم منذ 2020، حيث جرى اعتقالهم وايداعهم السجن.
وكانت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بنفس المحكمة قد حسمت، في يونيو من سنة 2023، ملف مقتل شاب عشريني بمنطقة سيدي يحيى زعير، وتعليق جثته داخل ضيعة فلاحية مملوكة لمسؤول سياسي بجماعة سيدي بطاش، بدعوى إقدامه على الانتحار، حيث أدانت المتهمين الثلاثة في الملف بالسجن المؤبد.
وارتباطا بمجريات هذا الملف، الذي تفردت “الأخبار” بنشر تفاصيله على مدى أربع سنوات، أفرزت جلسات التحقيق الماراطونية والاستنطاقات والمواجهات المباشرة بين أطراف القضية، ونتائج الخبرات التقنية والتشريح الطبي وشهادة أكثر من عشرين شخصا من الدوار، قناعة تامة لدى قضاة غرفة الجنايات الابتدائية بتورط المسؤول السياسي المعروف بسيدي بطاش ونجله وحارسه الخاص في ارتكاب جريمة القتل البشعة في حق الشاب العشريني وإخفاء جثته داخل ضيعته الخاصة، ومغالطة العدالة من خلال الإصرار خلال كل مراحل البحث والتحقيق، أن الأمر يتعلق بعملية انتحار أقدم عليها الشاب داخل ضيعة المستشار، ما دفع الهيئة إلى إدانة المتهمين بالسجن المؤبد، في انتظار قرار نظيرتها بغرفة الجنايات الاستئنافية، نهاية الشهر الجاري.
وكان الملف قد عرف تطورات جد مثيرة، خلال الجلسات السابقة التي احتضنتها غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بعد ثلاث سنوات تقريبا من الأبحاث والتحقيقات.
حيث تم إحضار حوالي 15 شاهدا بينهم نساء، لجلسة المحاكمة من أجل الادلاء بشهادتهم في الموضوع، وقد تبين أن جل هذه التصريحات لم تخدم المستشار الجماعي وابنه وحارس الضيعة المتابعين في حالة اعتقال، منذ سنة 2020، بتهمة القتل العمد، حيث طوقت أعناقهم من جديد بقرائن وحجج قاطعة، اتجهت بالقضية إلى جريمة قتل بدل فرضية الانتحار التي يتشبث بها المستشار الجماعي صاحب الضيعة، وتابعت المحكمة المتهمين الرئيسيين في هذا الملف، كل حسب المنسوب إليه تهم القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد واخفاء جثة والمشاركة وعدم التبليغ عن جناية.
وبالعودة لتفاصيل الجريمة، فقد سجلت السلطات الأمنية بسرية الدرك الملكي بعين العودة، منتصف صيف سنة 2020، واقعة العثور على جثة شاب متوفي كان موضوع بحث من طرف أسرته، حيث عثر عليها معلقة إلى جذع شجرة، وسط ضيعة فلاحية مملوكة لعضو جماعي يشغل مهمة نائب رئيس المجلس الجماعي للجماعة القروية سيدي بطاش والمنتمي لحزب يساري، وباشرت عناصر الدرك مسطرة البحث حول ملابسات مقتل الشاب المزداد سنة 1996، تحت إشراف النيابة العامة، حيث وقفت خلال الأبحاث التمهيدية على تناقضات كبيرة أثناء استنطاق المتهمين، خاصة تصريحات مالك الضيعة وحارسها، ما دفع النيابة العامة إلى عرض الجثة على تشريح طبي وعلمي دقيقين أسفرا عن معطيات جديدة، غيرت منحى القضية بشكل كلي، من فرضية انتحار الشاب التي تم ترويجها بالمنطقة، إلى شبهة تصفيته بشكل متعمد من طرف مالك الضيعة وابنه بمساعدة آخرين، قبل تعليق جثته داخل الضيعة، من أجل إيهام الجميع أن القضية تتعلق بانتحار عادي لشاب داخل ضيعة ومغالطة العدالة والتستر على الجريمة من طرف المشتبه فيهم.
وأوضحت التحريات المنجزة من طرف المركز القضائي للدرك الملكي بسرية عين العودة أن الجناة تعمدوا تعطيل الكاميرات المحيطة بالضيعة تفاديا لالتقاطها تفاصيل الجريمة، ما صعب من مهمة البحث الذي حسمته الخبرة الطبية، في الوقت الذي رجح مقربون من العائلتين أن النزاعات الدائمة التي كانت تنشب بين عائلتي المتهم والضحية، تبقى السبب الرئيس وراء ارتكاب الجريمة، حيث كان يتلقى تهديدات مستمرة بتصفيته حسب تصريحات عائلية.
تحرير عالي Brigui