بعد سنوات من التحسن النسبي، عادت حوادث السير لتُشكل تهديداً متنامياً على السلامة الطرقية في المغرب، مما دفع السلطات المعنية إلى تسريع خطواتها نحو التحديث التكنولوجي وتعزيز وسائل الرقابة على الطرق. في هذا الإطار، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني عن جيل جديد من الرادارات الذكية، خلال فعاليات الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، التي احتضنتها مدينة الجديدة.
وحسب معطيات الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا)، فإن حوادث السير في المغرب عرفت ارتفاعاً ملحوظاً منذ سنة 2022، ما كلف الاقتصاد الوطني حوالي 19.5 مليار درهم سنوياً، أي ما يعادل 1.7% من الناتج الداخلي الإجمالي. وأوضح محمد شيبوب، رئيس مصلحة التواصل الرقمي بالوكالة، أن الأسباب الرئيسية وراء هذه الحوادث تشمل السرعة المفرطة، عدم احترام قانون السير، وسلوكيات خطيرة من طرف مستعملي الطريق.
وأكد سمير الحمداوي، قائد فرقة السير الطرقي بالمديرية العامة للأمن الوطني، أن المغرب بصدد تحديث ترسانته التكنولوجية سنوياً لمواكبة تحديات السلامة الطرقية، مشيراً إلى أن الرادار الجديد يتميز بقدرات غير مسبوقة، من بينها:
• رصد المخالفات من مسافة تصل إلى 1200 متر (ضعف المسافة السابقة).
• التقاط الصور والفيديوهات بدقة عالية، حتى في الليل، بفضل الأشعة تحت الحمراء.
• رصد عدة مركبات في أقل من نصف ثانية (0.33 ثانية لكل 3 سيارات).
• توثيق دقيق يُعتمد عليه قانونياً عند حدوث خلاف بين المواطن ورجل المرور.
وأوضح الحمداوي أن الرادار يُثبت المخالفة داخل المدن عند تجاوز 66 كلم/ساعة، نظراً لاعتماد هامش 10% فوق السرعة القانونية المحددة بـ60 كلم/ساعة.
ورغم أن المغرب عرف تراجعاً بنسبة 13% في عدد الوفيات المرتبطة بحوادث السير ما بين 2010 و2021، إلا أن المنحنى عاد للارتفاع مجدداً منذ 2022. ففي سنة 2023، تم تسجيل 3819 حالة وفاة، وهو رقم يعكس الحاجة الملحة إلى تعزيز إجراءات الوقاية والمراقبة.
وتؤكد هذه التطورات أن السلامة الطرقية في المغرب لم تعد مسألة قانون فقط، بل أصبحت أولوية وطنية تتطلب تعبئة شاملة لكل المتدخلين، من مؤسسات وسائقين ومواطنين، في سبيل الحفاظ على الأرواح وتقليص الخسائر البشرية والاقتصادية الناتجة عن حرب الطرق
