شهد إقليم شيشاوة خلال الأيام الأخيرة واقعة خطيرة تمثلت في اعتداء شخص يدّعي العمل الحقوقي على قائد قيادة السعيدات أثناء أدائه لمهامه، وهو ما أعاد إلى الواجهة ملف التشهير، انتحال الصفة، الابتزاز، والتدخل غير المشروع في الشأن الإداري والقضائي. الحادث سلط الضوء أيضاً على غياب التفاعل القضائي مع عشرات الشكايات السابقة ضد المعني بالأمر، ما مكّنه من التمادي طيلة سنوات.
الواقعة… تصوير غير قانوني ينتهي باعتداء على قائد قيادة السعيدات
وفق معطيات ميدانية، فوجئ قائد قيادة السعيدات يوم الأربعاء 26 نونبر بشخص يقوم بتصوير مقر القيادة دون إذن، وعند استفساره عن صفته والغرض من التصوير، تطور الموقف إلى اعتداء لفظي وجسدي على رجل السلطة، قبل تدخل القوات العمومية وتوقيف المشتكى به.
إيداع المشتكى به سجن لوداية… وتهم ثقيلة
قررت المحكمة، في ساعة متأخرة من ليلة أمس السبت 29 نونبر، إيداع المعني بالأمر سجن لوداية بعد تقديمه أمام النيابة العامة التي تابعته بتهم ثقيلة تشمل إهانة الضابطة القضائية، انتحال صفة مهنة ينظمها القانون ،التشهير وإشاعة معلومات كاذبة،عدم الامتثال، تعنيف القوات العمومية وهي تهم تعكس طبيعة السلوكات التي واظب عليها المعني طوال السنوات الماضية دون رادع.
32 ملفاً قضائياً… ومسار طويل من التشهير والقذف
تكشف المعطيات المتوفرة أن المشتكى به متابع أمام ابتدائية إيمنتانوت ومحكمة الاستئناف بمراكش في ما يزيد عن 32 ملفاً، تتعلق أساساً بـالتشهير والقذف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبث اتهامات خطيرة دون أدلة والتدخل في ملفات معروضة على القضاء والتأثير على سير المحاكمات وتحقير قرارات إدارية وقضائية وابتزاز مسؤولين ومنتخبين وفلاحين.
ورغم هذا العدد الكبير من الملفات، استمر المشتكى به في ممارساته، الأمر الذي يثير أسئلة حارقة حول أسباب غياب التطبيق الصارم للقانون منذ البداية.
مسار سياسي مثير… الإدانة بالتزوير وفقدان الأهلية الانتخابية
لم تتوقف مسيرة المشتكى به عند التشهير، بل إن سجله يتضمن وقائع قضائية ثابتة، حيث سبق أن شغل منصب مستشار بجماعة سيدي محمد دليل خلال الولاية الانتخابية الأخيرة، قبل أن يتم عزله من منصبه والحكم عليه نهائياً بستة أشهر حبسا نافذاً وفقدان أهليته الانتخابية والتشطيب عليه من اللوائح الانتخابية. وذلك بعد إدانته بجريمة التزوير في محررات رسمية واستغلال النفوذ، حين أقدم على تزوير شهادة خطوبة تفيد بكونه عازباً رغم كونه متزوجاً لاستعمالها في الزواج من سيدة كزوجة ثانية، وهو ما اعتبرته المحكمة تدليساً وتزويراً واضحاً.
خدمة مصالح لوبيات… واستهداف رجال السلطة
تشير مصادر محلية متعددة إلى أن المشتكى به كان يخدم مصالح فئة معينة من أصحاب آلات حفر الآبار، ممن كانوا يستفيدون من حالة الفوضى في منح التراخيص أو التوسط فيها. ومع شروع السلطات الترابية بقيادة عامل الإقليم بوعبيد الكراب في إعادة تنظيم هذا القطاع ومحاربة العشوائية، بدأ المشتكى به في استهداف رجال سلطة وضباط شرطة قضائية بالتشهير والتضليل كلما رفضوا الخضوع لضغوط هذا اللوبي.
مسؤولية النيابة العامة… سؤال جوهري يفرض نفسه
إن ما وقع لقائد قيادة السعيدات لا يمكن فصله عن السياق العام لفترة امتدت إلى ثلاث سنوات كان خلالها المشتكى به ينشر بشكل شبه يومي:
ـ فيديوهات مباشرة تهاجم منتخبين ورجال سلطة
ـ اتهامات بالفساد المالي والإداري
ـ التشكيك في مباريات التوظيف بالجماعات الترابية
ـ الطعن في نزاهة قرارات إدارية
ـ إقحام نفسه في ملفات قضائية قائمة والتأثير على القضاة والرأي العام
ورغم خطورة هذه الأفعال، لم تبادر النيابة العامة بإيمنتانوت، منذ أول فيديو تشهيري، إلى استدعائه والاستماع إليه بخصوص الاتهامات التي يوجهها أو مطالبته بإثباتها، ولم يتم فتح أبحاث جدّية حول مزاعمه أو ترتيب الجزاءات القانونية عند غياب الحجة أو اتخاذ تدابير زجرية للحد من التمادي في التشهير والتحريض وهو ما يرى فيه المتتبعون مساهمة غير مباشرة في خلق حالة من التسيّب والجرأة على مؤسسات الدولة، انتهت اليوم إلى الاعتداء على رجل سلطة أثناء مزاولة مهامه.
خاتمة… دروس يجب ألا تتكرر
إن اعتقال المشتكى به وإحالته على القضاء خطوة مهمة، لكنها تأتي بعد سنوات من التأخر كان خلالها يعبث بسمعة أشخاص ومؤسسات دون رادع. واليوم، بات ضرورياً تفعيل دور النيابة العامة في حماية هيبة المؤسسات
وزجر منتحلي الصفات والمتاجرين بالعمل الحقوقي والإعلامي حماية المجتمع من التشهير والاعتداء
التأكد من أن لا أحد فوق القانون فالواقعة لم تعد حادثاً معزولاً، بل أصبحت ملفاً بنيوياً يرتبط بسيادة القانون وكرامة المواطن وهيبة الدولة ومحاربة التافهين والتفاهة .
