بقلم : عالي البريكي
في خطوة تعكس التزام القضاء بمحاسبة كل من يسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، أصدرت غرفة الجنح التلبسية بالمحكمة الابتدائية بفاس يوم أمس الخميس حكمًا بالحبس النافذ لمدة 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 50,000 درهم في حق “يوتيوبر” شهير يعرف بـ “مول القرطاسة”. هذا الحكم، الذي جاء بعد محاكمة دقيقة، يسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بفاس في تطبيق القانون ومكافحة الجرائم الإلكترونية التي تهدد السلم الاجتماعي.
لقد شكلت قضية “مول القرطاسة” انجاز حقيقيًا لجهود النيابة العامة في مواجهة المحتوى الرقمي المضلل والمحرض. فبعد أن كان المتهم يصول ويجول في فضاءات التواصل الاجتماعي، مستغلاً شهرته للتحريض على ارتكاب جنح خطيرة، بما في ذلك التحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة، وإهانة الموظفين العموميين، والإساءة إلى هيئات دستورية، تحركت النيابة العامة بسرعة وفعالية.
تتبع النيابة العامة للقضية لم يكن مجرد إجراء روتيني، بل كان عملًا استباقيًا ويقظًا. حيث عملت على جمع الأدلة الرقمية، وتحليل المحتوى الذي كان يبثه المتهم، مما مكنها من بناء ملف قضائي متكامل وقوي. هذا الجهد الكبير هو ما قاد المحكمة إلى إصدار حكم رادع، يعكس خطورة الأفعال المنسوبة إلى المتهم.
هذا الحكم القضائي ليس مجرد عقاب لشخص واحد، بل هو رسالة واضحة لكل من يعتقد أن الفضاء الرقمي يمكن أن يكون ملاذًا للإفلات من العقاب. إنه يؤكد أن حرية التعبير ليست مطلقة، وأنها تنتهي عندما تبدأ بالمساس بأمن الوطن والمواطنين. كما أنه يبرز الجهود الجبارة التي تقوم بها النيابة العامة بفاس في مواجهة التحديات الجديدة التي يفرضها العالم الرقمي.
وفي هذا السياق، يجب الإشادة بيقظة وفعالية النيابة العامة التي أثبتت قدرتها على مواكبة التطورات التكنولوجية واستخدام أدواتها القانونية ببراعة لحماية المجتمع. إنها دليل على أن العدالة في مدينة فاس لا تتهاون مع أي تجاوزات، وأنها ستظل سدًا منيعًا في وجه كل من يحاول العبث بالقيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع المغربي.