الحسيمة – في خطوة غير متوقعة، قامت السلطات الإسبانية مؤخرًا بـإزالة علمها الوطني من جزيرتين صغيرتين تقعان قبالة الساحل المتوسطي المغربي، بالقرب من مدينة الحسيمة، وذلك بعد أكثر من عقدين من رفعه هناك، في واقعة أثارت جدلًا سياسيًا وتساؤلات دبلوماسية حول الخلفيات المحتملة لهذا القرار.
وتعود جذور القضية إلى أزمة جزيرة “ليلى” (المعروفة إسبانيًا بـPerejil)، التي اندلعت يوم 11 يوليوز 2002، حينما نزلت وحدة من البحرية الملكية المغربية على الجزيرة، لترد مدريد حينها بتدخل عسكري مباشر، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية حادة بين الرباط ومدريد، لم تُحل إلا بتدخل مباشر من الولايات المتحدة.
سحب العلم… خطوة رمزية أم بداية تحول سياسي؟
وعلى الرغم من أن الجزر المعنية (ومنها جزيرة “ليلى”) غير مأهولة بالسكان وتخضع لنزاع هادئ بين المغرب وإسبانيا، فإن إزالة العلم الإسباني تمثل تحولًا رمزيًا ذا دلالة قوية، خاصة في ظل غياب أي إعلان رسمي يوضح طبيعة هذا القرار.
ويطرح هذا المستجد عدة تساؤلات، من بينها:
• هل يُعد الأمر مراجعة ضمنية للموقف الإسباني من هذه الجزر؟
• أم أنه إجراء إداري أو لوجستي مؤقت لا يحمل خلفيات سياسية؟
• هل هناك مفاوضات غير معلنة بين البلدين حول مستقبل هذه النقاط الجغرافية المثيرة للجدل؟
صمت رسمي يفتح باب التأويلات
حتى الآن، لم تُصدر لا الحكومة المغربية ولا نظيرتها الإسبانية أي بيان رسمي يفسر دواعي إزالة العلم، ما جعل عدداً من المتابعين يعتبرون هذا الصمت “رسالة بحد ذاتها”، خاصة في ظل تحسن نسبي للعلاقات المغربية الإسبانية خلال السنتين الأخيرتين، منذ إعلان مدريد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.
مراقبون: الملف حساس وقد يشهد تحولات
ويرى محللون أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من ترتيبات دبلوماسية هادئة تهدف إلى تهدئة الملفات العالقة بين البلدين، أو على الأقل تقليص رمزية “السيادة المنفردة” التي كانت تتبناها إسبانيا بشأن بعض الجزر الصغيرة المتنازع عليها.
ويبقى الوضع مفتوحًا على جميع الاحتمالات، في انتظار توضيحات رسمية قد تضع حدًا للتكهنات، وتُظهر إن كانت هذه الخطوة بداية تحول استراتيجي في ملف لطالما شكل نقطة توتر صامتة بين الرباط ومدريد.