عصام احمر الراس
من قلب المدينة الحمراء، حيث يلتقي عبق التراث بروح الإبداع، شقّت الفنانة فاطمة الزهراء الحشابي طريقها نحو النجومية بهدوء وثبات، لترسم ملامح تجربة نسائية فنية متفردة، تجمع بين المديح الشعبي، الفن العيساوي، والأغنية الغيوانية، في توليفة تنضح بالأصالة والعطاء.
بدأت فاطمة الزهراء مشوارها الفني في سن الرابعة عشرة، حين انضمت إلى مجموعة الرساليات للإنشاد والمديح، حيث نهلت من معين الإنشاد الديني وقواعد الأداء الصوتي التقليدي. لم يمر وقت طويل حتى قررت تأسيس مجموعتها الخاصة: “الزهراء منشيدات”، لتكون بذلك من أولى المبادرات النسائية المستقلة في هذا المجال.
ولم تقف عند حدود الإنشاد، بل خاضت تجربة فريدة في الفن العيساوي، عبر تأسيس مجموعة نسائية عيساوية، وهي خطوة جريئة في مجال يطغى عليه الطابع الذكوري، ما جعلها تحظى باهتمام وإشادة في الأوساط الفنية المراكشية.
في مرحلة لاحقة، اختارت الانفتاح على الفن الشعبي، وأطلقت أوركستر للفن الشعبي، حظيت بإعجاب واسع لدى جمهور المدينة، لما تحمله من لمسة محلية تعكس روح مراكش البهية وإيقاعها المميز.
ومع اتساع التجربة، اتجهت الحشابي إلى عالم الأغنية الغيوانية، بداية مع مجموعة “بنات لارصاد”، التابعة لفرقة “لارصاد”، ثم التحقت سنة 2016 بـ مجموعة “جيل السلام”، حيث شاركت في عدد من المهرجانات الوطنية وقدمت عروضًا لقيت تجاوبًا واسعًا، كما ساهمت في إنتاج ألبوم غنائي بعنوان “غادي”، رفقة رئيس المجموعة حمزة الحمرا، الذي يُعتبر من الأصوات المناضلة من أجل استمرارية الأغنية الهادفة، رغم محدودية الإمكانيات.
علاقتها بالجمهور لا تُختصر فقط في الخشبة، بل تمتد إلى فضاءات التواصل الاجتماعي، حيث تحظى فاطمة الزهراء الحشابي بتفاعل واسع، يشهد على علاقة يسودها الاحترام والتقدير والعشق الفني، خصوصًا من طرف الشباب المتعطش لفن صادق يعكس قضايا المجتمع وهمومه.
إنها تجربة تؤكد أن الفن الحقيقي لا يحتاج إلى بهرجة، بل إلى صدق، التزام، وجذور متينة في التراث والهوية، وهي القيم التي جعلت من فاطمة الزهراء الحشابي اسمًا حاضرًا بقوة في الساحة الفنية المغربية.
