الاحتلال غير القانوني للملك العام يثير غضب المواطنين وسط صمت رسمي
يتواصل تصاعد الغضب الشعبي في عدد من المدن المغربية بسبب ما يعتبره المواطنون استباحة ممنهجة للملك العام من طرف أصحاب المقاهي والمطاعم وبعض المحلات التجارية إذ لم يعد هذا السلوك مجرد تجاوز عابر بل تحول إلى ظاهرة يومية تهدد جمالية الفضاءات العامة وحق المواطنين في التنقل بأمان وكرامة
ففي العديد من الشوارع الرئيسية والأحياء الشعبية يضطر المارة إلى مجاراة حركة السير وسط الطريق معرضين حياتهم للخطر بسبب الأرصفة التي تحولت إلى ملحقات للمشاريع الخاصة حيث تتكدس الكراسي والطاولات وتنتصب اللوحات الإشهارية دون حسيب أو رقيب الأمر الذي يطرح تساؤلات ملحة حول طبيعة الرخص الممنوحة وأساسها القانوني
ويزداد الوضع استفزازًا حين ترتبط عملية تحرير الملك العمومي بمقاربة انتقائية إذ يرى عدد من المواطنين أن الحملات التي تطلقها السلطات لا تستهدف سوى الباعة المتجولين والفئات الهشة بينما تُستثنى المحلات الكبرى والمقاهي التابعة لأشخاص من ذوي النفوذ ما يرسخ شعورًا عامًا بانعدام العدالة وغياب الحياد في تطبيق القانون
ويذهب بعض المهتمين إلى القول إن المشكل لا يكمن فقط في الاستغلال غير المشروع للفضاء العام بل في طريقة تعامل السلطات مع هذه الظاهرة حيث تبدو التدخلات الرسمية موسمية ومحدودة التأثير في ظل غياب رؤية واضحة واستراتيجية طويلة المدى لتحرير المجال العمومي
وفي هذا السياق يعتبر متتبعون أن أي إصلاح حقيقي ينبغي أن ينطلق من تطبيق صارم للقانون على الجميع دون استثناء أو تساهل لأن الرصيف حق مشترك وليس امتيازًا لفئة دون أخرى وهو ما يتطلب إرادة سياسية واضحة وشفافة تقطع مع ممارسات الزبونية والمحسوبية التي تعمق الفوارق وتغذي الشعور بالحيف
وفي الوقت الذي تبادر فيه بعض الجماعات المحلية إلى شن حملات متفرقة لتحرير بعض المساحات العمومية يظل الشارع ينتظر مقاربة أشمل وأكثر جرأة تكون فيها الأولوية للحق العام على حساب المصالح الخاصة لأن احترام الفضاء المشترك يعد أساسًا لمدينة تحترم ساكنتها وتصون كرامة الجميع
وفي غياب خطوات عملية وملموسة تبقى المطالب الشعبية معلقة على أمل أن تتحول التصريحات الرسمية إلى أفعال ملموسة تضع حدًا لهذا الفوضى المتواصلة وتعيد الاعتبار للملك العمومي كحق لا يقبل المساومة أو التجزئة
