الرباط : سلام مشاش
لا تخلو العديد من شوارع وأزقة وأحياء الرباط من مشاهد مختلفة لعدد من المتسولين من شتى الفئات العمرية، الذين يتخذ كل واحد منهم مكانا لاستعطاف المارة والحصول على مبلغ من المال بجميع الطرق رافعين شعار “ولو طارت معزة”. ويسجل العديد من سكان الرباط ارتفاع عدد الأشخاص، ممن امتهنوا التسول واتخذوا منه وسيلة لعيشهم، باعتباره طريقا سهلا للكسب، مادام لا يتطلب منهم بذل أي مجهود أو عناء.
أمام المخابز وقرب المقاهي والمحلات التجارية والأسواق والحدائق ومحطات الحافلة وسيارة الأجرة والإدارات العمومية وغيرها من الأماكن يوجد متسولون، الغريب في الأمر أن أغلب المتسولين باتوا يعتبرون أن من واجب المارة منحهم صدقة، بل ويعتبرونها إجبارية، “يقول رشيد، مضيفا” لابد من تدخل الجهات المعنية لوضع حد للأمر، سيما أن الرباط تعد عاصمة الأنوار ومثل هذه المشاهد تسيء إليها.
سب وشتم
من جانبه، عبر فؤاد، موظف بالقطاع العام عن استيائه من مشاهد المتسولين في مختلف الفضاءات، مؤكدا أنهم باتوا يظهرون العنف اللفظي في حق من يرفضون تقديم صدقة إليهم.
«أتساءل كيف يمكن منح صدقة لشخص يمكن أن يبحث عن عمل ويكسب قوته بكرامة، بعيدا عن النظرة الدونية للمارة له، “يقول فؤاد، مضيفا” أن هذه الفئة من المتسولين فضلت الطريق المختصر لكسب المال.
«نطلب الله وما نطلب العبد…الله يأخذ فيك الحق”، هكذا توجهت متسولة بأحد الأحياء بمنطقة حسان بالقول إلى امرأة في العقد الخامس من عمرها رفضت منحها نقودا، لتوجه لها سيلا من عبارات السب والشتم.
تفاجأت المرأة من الرد العنيف للمتسولة أمام تجاهلها لها، موضحة : “لما وصلنا للسب ما بقى ما يتقال…هذا فعلا أمر بات يتطلب تدخل الجهات المعنية، فلا يعقل أن نتعرض كل يوم لسب وشتم فئة اتكالية، أصبحت تعتبر الحصول على مساعدات نقدية من حقها، علما أن من هم في حاجة حقيقية تمنعهم كرامتهم وعزة أنفسهم من القيام بذلك ولا أثر لهم في الشوارع، فهم يعانون في صمت بمنازلهم”.
وأكدت المرأة ذاتها أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها للسب والشتم، بل عدة مرات سابقة، موضحة “منذ أيام قليلة كنت أمر بشارع مولاي إسماعيل، حيث تجلس متسولة رفقة ابنيها أمام أحد المطاعم، ولا تتوانى عن شتم كل من يمر بالقرب منها ولا يمنحها بعض الدراهم،”مضيفة” هذا فعلا أمر مؤسف لأنها تبدو في كامل صحتها ويمكن أن تقوم بأي عمل تعيل به أطفالها بدلا من الاتكالية.
يرى سفيان، صاحب محل تجاري أن ظاهرة انتشار المتسولين تسيء إلى الرباط، سيما أنها تعتبر وجهة العديد من السياح، الذين يزورون فضاءات تاريخية ومتاحف وإلى غير ذلك، كما أنهم غالبا ما يصادفونهم في طريقهم إليها.
أغلب المتسولين يحملون شعار “ولو طارت معزة”، إذ يعتبرون أن حصولهم على أموال من المارة من حقهم، بل وإجباري، كما أن كثيرا منهم يحددون المبلغ الذي يرغبون في الحصول عليه، “يقول سفيان”.
كذب واحتيال
رغم اختلاف وسائل التسول، إلا أن الهدف يبقى واحدا ويتجلى في محاولة الإيقاع بالمارة في شباك الكذب والاحتيال، مؤكدين أنهم يمرون بظروف صعبة وفي حاجة ماسة إلى المساعدة.
“اشتروا مني هذه القبعة بأربعين درهما، أنا في حاجة للعودة إلى البيضاء”، يقول أحد المتسولين لنساء كن يتجاذبن أطراف الحديث بأحد شوارع الرباط، واللواتي ما إن رفضن ذلك، حتى بدأ في السب والتلفظ بعبارات نابية.
كان المتسول يصر على اقتناء “القبعة المتسخة” منه، فهو على غرار كثير من ممتهني التسول اتخذ وسيلة لتقديم المساعدة إليه، من بين كثير من الوسائل، منها إجبار المارة على شراء علب مناديل ورقية.
ولم يعد أغلب المارة بالقرب من المتسولين يصدقون حكايات وقصص المعاناة، التي يحاولون إضفاء طابع المصداقية عليها، من خلال تقديم شهادات طبية ووثائق إدارية مزورة، سيما أنهم وقعوا ضحية نصبهم واحتيالهم عدة مرات، كما أن وجوههم باتت مألوفة. واستنكر مراد، أستاذ في القطاع الخاص، ظاهرة انتشار المتسولين في شوارع الرباط، موضحا : “كان المتسولون من قبل يجلسون طالبين منحهم صدقة مع المبالغة في توجيه الدعاء للمارة بالقرب منهم، لكن اليوم صار الوضع مختلفا، ليعوض الدعاء بالسب والشتم للرافضين”.