تمكروت اقليم زاكورة…التعريف بدار الكتب الناصرية بالزاوية الناصرية بتمكروت اقليم زاكورة.

شأنكم20 يوليو 2023آخر تحديث : منذ سنتين
شأنكم
اصدارات وكتب
تمكروت اقليم زاكورة…التعريف بدار الكتب الناصرية بالزاوية الناصرية بتمكروت اقليم زاكورة.

عبد الله أيت المؤدن.

في هذه السطور سنتاول تعريفا نقرب من خلاله القارئ من تأسيس دار الكتب الناصرية التي تتواجد بالزاوية الناصرية بتمكروت بإقليم زاكورة مع تطورها:

فقد ابتدأ تأسيس دار الكتب الناصرية من ايام عبد الله بن ناصر الذي بذل مجهودا مهما في جمع كتبها الأولى، وإلى جانب المؤلفات التي اقتناها بالشراء، نسخ بنفسه واستنسخ العديد من الدواوين العلمية ومن مستنسخاته بخطه “القاموس للفيروزابادي، “الأمالي” لأبي علي القالي، و جزء من كتاب “العقد الفريد” لابن عبد ربه ، و”المنصف في الكلام على مغنى ابن هشام”للشمني، وهذا الأخيرلا يزال محفوظا ضمن المجموعة الباقية بتمكروت تحت رقم 637.

“كما اعتنى أيضا بتصحيح الكتب ومقابلتها وتقييس الفوائد بهوامشها وقد عاين أبو العباس الهشتوكي كثيرا من كتبه خصوصا نسخ الصحيحين للبخاري ومسلم هذا بالإضافة إلى مجموعة من الهدايا تلقتها المؤسسة في فترة تأسيسها”.

غير أن الخزانة في عهدها الاول لم تكن تتوفر على مركز منتظم ويدل على هذا ان الكتب في هذه الفترة كانت موضوعى على الأرض مباشرة، حتى أهدي لمؤسسها حصير ليفرشه لنومه فآثر وضعه تحت الكتب وقاية لها، واستمر ينام هو وأسرته على التراب” ، وهو نموذج للتضحية في سبيل العناية بالكتب.

أما عن بناية الخزانة فقد شيدت بعدما صارت إلى نظر أبي العباس ابن ناصر وهو الذي اشترى لها الكتب بالأحمال من المغرب والشرق وضرب في هذا الصدد رقما قياسيا لم يصل إليه أحد من شيوخ الزاوية الناصرية، وهو الذي استلف بمصر آلافا من المثاقيل واشتراها كلها كتبا. ومن المعروف أنه هو الذي جلب إلى المغرب لأول مرة النسخة اليونينية من صحيح البخاري وهي موزعة بين عشرة أجزاء بخط شرقي وعلى أول جزء منها بخطه:”ملك لله تعالى، بيد أحمد بناصر كان الله له بمكة المشرفة، بثمانين دينارا ذهبا”1وبعد عهده سعى كل من تولى أمر الزاوية إلى زيادة كتبها فأضيفت إلها أعداد هائلة من الكتب بالشراء والاستنساخ أو عن طريق الاهداء وسجل في هذا الصدد عمل يوسف بن محمد الكبير على تزويد الخزانة بكتاب البيان والتحصيل لابن رشد الذي تلقى في شأنه رسالة من السلطان محمد بن عبد الله يعده فيها أن يمده بها. كما أن كل من يموت من أعلام الزاوية وأولادها تضاف كتبه إلى المكتبة العامة فضلا عن خزانات بعض الاعلام في جميع الآفاق يحجون إلى الزاوية الذين تطوعوا فوقفوا خزاناتهم الخاصة على الخزانة العامة كما صنع كل من أحمد ابراهيم السباعي وأبي العباس أحوزي الهشتوكي، وابي الحسن علي الدمناتي حيث لا تزال خزانة الزاوية تحتفظ بخزاناتهم.

هذا إضافة إلى أن بعض شيوخ الزاوية عملوا على حيازة المؤلفات الموقوفة على الزوايا الفرعين لنقلها إلى الخزانة المركزية بتمكروت، ولهذا لا تزال هذه الخزانة تحتفظ بمخطوطات موقوفة على زوايا الرباط وفاس وتطوان حسب الأرقام: 214-284-1478-1866-1047، هذا إلى جانب الكتب التي كانت موقوفة على زاوية الفضل وجامع الخطبة بتمكروت حسب رقمي : 541-1323 .”2

أما عن موضوعات كتب الخزانة فتشمل ما يلي :

* “كتب الأثر: السيرة الشامية، النهاية لابن الأثير، الفائق للزمخشري، الأول في نهج النهاية، الكفاية في مختصر النهاية، زيادة الجامع الصغير في سفرين، زيادة الكبير في سفرين، إعراب مشكل الحديث للسيوطي، الجمع بين الصحيحين للفرغاني، المصابيح للبغوي، المقاصيد الحسنة للسخاوي، التذكرة للقرطبي ، الدلائل لتابث السرقطي، عمل اليوم والليلة للنسائي، الجامع بين المنتقى والاستذكار للتلمساني، شرح العمدة لابن الأثير، علوم الحديث لابن الصلاح، بوادر الأصول للحكيم الترمدي،

الحدائق في سيرة سيد الخلائق للمستغانمي بخطه… وغيرها كثير.

* التواريخ : أهمها لابن عساكر ، البداية والنهاية لابن كثير في سبع اسفار.

* التفاسير : كثيرة منها بضع وأربعون من غير الثكرار.

* تآليف الإمام السيوطي : لا تكاد تنحصر لأنها كثيرة أكثرها بخطه.

* المسانيد : قليلة العدد.

بالإضافة إلى شرح البخاري ومسلم وحواشي السنة وغير ذلك مما هو متداول من كتب الحديث “1، هذا فضلا عن مؤلفات النحو والآداب والعقائد والفقه والتصوف والفلسفة والمنطق والفلك والرياضيات والحساب والطبيعيات والجغرافية حتى أصبحت أغنى الخزانات الإسلامية بالمغرب ولا أدل على ذلك أكثر من رسالتين تلقى إحداهما الشيخ علي بن يوسف الناصري من المولى سليمان في غرض استعارة كتابي التفسير والنزهة لابن كثير من الخزانة الناصرية والثانية صادرة عن السلطان محمد بن عبد الله إلى الشيخ يوسف الناصري جوابا عن كتاب هذا الأخير في غرض استنساخ البيان والتحصيل لابن رشد برسم هذه الخزانة.

وفيما يخص بناية الخزانة وتسييرها:

فقد كانت الخزانة في فترة ازدهارها تخضع إلى أنظمة وتقاليد متبعة، فقد تبث عن ابي العباس بناصر أنه رتب محتوياتها حسب العلوم وجعل لكل نوع علامة تميزه عن غيره ولم يكن يمنع إعارة الكتب لمستحقيها حيث وضع نظاما للإعارة والمحافظة على الخزانة وتبث عنه أنه قال لأهله في توصيته بالكتب ” إذا أنتم حفظتموها وتعاطيتموها كما هو مألوف حفظها الله لكم وجلب لكم غيرها، والعكس بالعكس”.

ولم يعرف للخزانة دفتر قديم يستوعب محتوياتها، وأول لائحة معروفة هي التي وضعت لها بعد

تراجعها بمبادرة شيخ الزاوية أبي العباس احمد بن أبي بكر الناصري، وتحمل تاريخ 20 جمادى الثاني عام 1336 هـ وهي تشمل على حوالي ألفي مخطوط دون اعتبار محتوايات المجاميع وجاء ترتيب ابواب اللائحة هكذا:

– كتب خزانة الروضة الناصرية

– كتب خزانة الاشياخ

– كتب الطارمة*العلوية

ولا تزال هذه اللائحة مخطوطة في نسختين من حجم صغير إحداهما بالخزانة العامة تحت رقم ج 975 في 74 صفحة، والثانية بالمكتبة الملكية رقم 5657 في 82 صفحة. أما المقر القديم للخزانة فالظاهر أنه لم ينتظم إلا مع ولاية أبي العباس ابن ناصر حيث وضعت محتوياتها في دار على حدة صارت تعرف ب”دار الكتب” وقد جاء عنه أنه ابتنى خزانة جيدة لهذا الغرض ، كما أنه اعتنى أكثر ببيت الكتب الذي شيده عام 1123هـ وأثقنه ببدائع الصنعة واستجلب له الصناع من فاس وجمله بطاقات مغطاة بالزجاج الملون. فإذا أشرقت الشمس انعكس شعاعها إلى الداخل ليزيد منظر بيت الكتب حسنا وبهجة، وقد استمرت هذه الخزانة بدار الكتب حتى العقود الأخيرة وكان موقعها من ملحقات سكنى شيخ الزاوي في بناية مرتفعة تشتمل على بيتين إحداهما “بيت الكتب الكبير” والثاني يعرف ب”بيت الكتب الصغير” مع مخبإ عال يعرف بالطارمة العلوية، وكلها مستودعات للكتب في خزانات خشبية موزعة حشب العلوم.

وقد أخرجت من هذه الدار في تاريخ غير محدد مجموعة من المؤلفات الحديثة وبعض كتب التفسير واللغة والتصوف، ووضعت على حدة داخل المشهد الناصري في خزانات حائطية صار مجموعها يعرف بخزانة الروضة وأخيرا نقلت المخطوطات من دار الكتب وخزانات الروضة ووضعت جميعها بالمدرسة القديمة.

أما الآن فقد وضعت الكتب الباقية في بناية جديدة شيدت خصيصا برسم هذه الخزانة وجاء

موقعها بمقربة من خارج باب الرزق في الجنوب الغربي للزاوية وهي عبارة عن قاعة فسيحة في عرضها وطولها تتخللها نوافذ للضوء والتهوية، وهي مجهزة برفوف خشبية مغطاة بواجهات زجاجية لحفظ المخطوطات وصيانتها فضلا عن مقاعد وطاولات للقراء.

هذا وكانت عدة عوامل سهامت في انحطاطها منها :

أخذت هذه المؤسسة تتراجع في صدر المائة الهجرية الثالثة عشر حيث سجل ضياع الكتب من الخزانة وتجاهل المعنيين بالامر للباقي منها ورغم أنه من الصعب تحديد فترة أو سنة اضمحلال الخزانة وضياع ثروتها الكتبية نظرا للغموض الذي يلف ماضي المنطقة في هذه الحقبة إلا أنه يمكن إجمال أسباب

هكذا يتبين أن الزاوية الناصرية تعتبر مركزا علميا مرموقا وتؤدي خدمة كبرى في سبيل الحفاظ على الثقافة الإسلامية بالخصوص في الجنوب المغربي، وهذا ما تسجله القولة الشهيرة :”لولا ثلاثة لانقطع العلم بالمغرب لكثرة الفتن التي ظهرت فيه، وهم سيدي محمد بن ناصر في درعة و سيدي محمد بن أبي بكر الدلائي في دلاء ، وسيدي عبد القادر الفاسـي”1، خاصة وأن هذه الزاوية تضم واحدة من أهم الخزانات بالمغرب وأغناها على الإطلاق لما تشمل عليه من نفائس الثرات ومعالم في التاريخ تستدغي تظافر جهود الجميع للحفاظ عليها.

*- ورد ذكر هذه الأخماس في الدرر المرصعة ص : 20/24/ 217 ، وطلعة المشتري لأحمد بن خالد الناصري الجزء الاول ص :160/166/171

1 – محمد المكي بن موسى الناصري : “الدرر المرصعة بأخبار أعيان درعة” تقديم وتحقيق محمد الحبيب النوحي ، رسالة ديبلوم الدراسات العليا، كلية الرباط 1988 ص 134.

2 – المرجع السابق 211.

3 – محمد المنوني: “حضارة وادي درعة من خلال النصوص والآثار”، مرجع سابق ص 143.

1 – مجلة دعوة الحق : مرجع سابق ص 146.

2 – مجل أمل : مرجع سابق ص 45.

3 – ضريف محمد : “مؤسسة السلطان الشريف، محاولة في التركيب” افريقيا الشرق الدار البيضاء، 1988 ص 72.

4 – عبد السلام المهماه : “المرأة المغربية والتصوف في القرن الحادي عشر الهجري” مطابع دار الكتاب، الدار البيضاء، الطبعة الأولة 1398-1978. ص 53.

5 – محمد بن أحمد الحضيكي :”طبقات الحضيكي” المطبعة العربية(الدار البيضاء) الطبعة 1 –1355 ، الجزء الأول ص 79-81.

 

1 – أحمد بن خالد الناصري :”طلعة المشتري في النسب الجعفري” نشر المؤسسة الناصرية للثقافة والعلم –سلا- الجزء الأول ص 129.

2 – محمد بن أحمد الحضيكي :” طبقات الحضيكي” ، مرجع سابق ص 59.

3 – دليل مخطوطات دار الكتب الناصرية ص 22.

4 – محمد حجي :”الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين”، مرجع سابق ص 551.

1 ضريف محمد :” مؤسسة السلطان الشريف بالمغرب “، المرجع السابق ص 72.

2 – سورة طه : الآية 72.

3– احمد بن خالد الناصري :”طلعة المشتري في النسب الجعفري” المرجع السابق ص 165-166.

1 – محمد المكي بن موسىالناصري :”الدررالمرصعة” المرجع السابق ص 80.

 

2- أحمد بن خالد الناصري:”طلعة المشتري” المرجع السابق ص 81.

3 – مجلة دعوة الحق :المرجع السابق ص 147.

4 – محمد المكي بن موسى الناصري :” الدرر المرصعة” المرجع السابق ص 311.

1 – مجلة دعوة الحق : المرجع السابق ص 147

2 – دليل مخطوطات دار الكتب الناصرية ص 18-19.

1– دليل المخطوطات : المرجع السابق ص 30-31.

* الطارمة : تعبير مغربي عن مخبإ مستور عن الأنظار.

1 – أحمد بن خالد الناصري : “طلعة المشتري في النسب الجعفري” المرجع السابق ص 133.

خبار عاجل

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق