بقلم ناصر الحرشي…………..ينطلق الفعل الاساس المولد للحكي في رواية الشراع والعاصفة للروائي السوري حنا مينة من قصة بحار يدعى محمد ابن زهدي الطروسي الذي فقد مركبه اثر عاصفة هوجاء وعاد الى الشاطئ في جعبته امنية واحدة هي العودة الى البحر على ظهر مركب جديد.وفي انتظار ذلك سيعيش على مردود مقهى بدائي على الشاطئ في جوف صخرة،واثناء مقامه على اليابسة ،سيكون شاهدا على احداث متنوعة أهمها تعرفه على الاستاذ كامل المناضل الشيوعي الذي سيعمل على استقطابه للحركة النضالية التي يخوضها الشعب السوري ضد الاستعمار الفرنسي واذنابه المحليين .وعلى يده سيكتشف العمل السياسي .وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية سيعود من جديد الى البحر على ظهر مركب جديد لكن هذه المرة مسلحا بفكر جديد وسلوك جديد ورؤية جديدة .ان البنية التركيبية اي البناء العام لهذا الكون الحكائي يتحدد كما يشير الى ذلك الفصل التمهيدي في وجود اخلال لمسار حياتي عادي لشخص عادي .بحار فقد مركبه وانقطع ماكان بينه وبين البحر من اواصر لأن البحر عالمه وكينونته .ان نمو القصة وتطوراتها سيركزان على هذه الحادثة البحرية .فهذه الحالة تشكل حجر الزاوية والعمود الفقري للبرنامج السردي في هذه الرواية .فالبطل البحار يريد وضع حد لوضع تم الاخلال به أي التحرر من قانون الحياة على اليابسة والعودة الى البحر والغاء حالة الانفصال والعودة الى الاتصال من جديد بمغامراته البحرية وملحمة الصراع مع الطبيعة كشيخ همينجواي في اقتتاله مع القيطس .لذا هذا الحدث سيشكل الكوة السردية التي سينفذ منها الانجاز السردي ( غرق المنصورة ).فهذه اللحظة السردية التي تفتتح بها الرواية هي لحظة توترية .لحظة غرق السفينة ثم تراجع قصة البحر في مقابل تقدم قصة البر وبداية الموت البطيئ في حياة الطروسي ثم التحول في حياته الفكرية .ان مسار الرواية سيكون من خلال متتاليات سردية :
-الخروج من البحر والعودة اليه .
-لحظة البطل اللاسياسي./ لحظة البطل السياسي.
-مرحلة جهل النفس /مرحلة معرفة النفس واعتناق اليوتوبيا الجديدة( الفكر الاشتراكي).
– الانخراط في النضال السياسي والوطني والصراع الطبقي ضد رموز الاستعمار والاقطاع.
– تخليص الرحموني بانقاذه وانقاذ سفينته من انياب الامواج العالية .ثم تطوع الطروسي مع بعض البحارة لنقل السلاح الى المناضلين الذين يقاتلون الجيش الفرنسي و معركته مع صالح ابن برو أحد البلطجية العملاء.الرواية تحكي ايضا في الماضي قصة حب عاشها الطروسي مع ماريا كما تحكي قصة معركة خاضها ضد ايطالي تجرأ وهتف باسم موسوليني وشتمه للعرب .وتهريب الزعماء الوطنيين .أما في الحاضر فتروي قصة حب هذا السندباد البحري لأم حسن العاهرة التي سينقذها من حياة الدعارة ويتزوحها في نهاية الرحلة .ان هذا المشتل الحكائي في مجموع عناصره هو رحلة من البحر الى البر ومن البر الى البحر،رحلة من الجهل الى المعرفة .ومن قضايا الفرد وعبثيات البطل السلبي وعنترياته الهوجاء الى معانقة هموم الجماعة وارتداء لباس القضية .فزمن السنادبة لم ينته في رحلة البحث عن الذات والحقيقة واقتحام غيابات المجهول .وقد وقفت هذه الرواية في حدود ضبط اليات اشتغال النص عبر المتناص الايديولوجي .
