في ظل تصاعد المخاوف المرتبطة بالإحساس بعدم الأمان في الفضاءات العامة، كشفت معطيات رسمية حديثة عن أرقام مثيرة بشأن جرائم الاعتداء بالسلاح الأبيض في المغرب، وذلك خلال شهري يناير وفبراير من السنة الجارية، حيث تم تسجيل أكثر من خمسة آلاف قضية ذات صلة، أفضت إلى إيقاف ما يربو عن خمسة آلاف شخص، من ضمنهم مئات القاصرين.
وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، وخلال جواب رسمي قدمه أمام البرلمان، أكد أن مصالح الأمن واصلت خلال هذه الفترة تنفيذ إجراءات وتدابير ميدانية صارمة، همّت تعزيز الحضور الأمني في الشوارع الكبرى والأحياء الشعبية، فضلاً عن محيط المؤسسات التعليمية، للحد من استعراض الأسلحة البيضاء أو استعمالها في اعتراض سبيل المارة أو تهديد سلامتهم الجسدية.
ويشير المسؤول الحكومي إلى أن الوزارة تعتمد مقاربة أمنية متكاملة تتضمن نشر دوريات راجلة وراكبة، وتفعيل فرق مكافحة العصابات الإجرامية، وتدعيم عمل الشرطة القضائية، إلى جانب التفاعل الاستباقي مع محتويات مواقع التواصل الاجتماعي التي توثق لمشاهد الاعتداءات، حيث يتم فتح تحقيقات فورية تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
من جهة أخرى، تم إحداث فرق متنقلة على متن دراجات نارية لتأمين الأزقة الضيقة التي تعرف نشاطًا إجراميًا متناميًا، كما أطلقت الوزارة حملات تحسيسية وتوعوية تستهدف التلاميذ، بغرض تعزيز ثقافة التبليغ ورفع الوعي بخطورة حمل واستعمال الأدوات الحادة داخل وخارج المؤسسات التعليمية.
وتأتي هذه المعطيات في سياق برلماني مثير للقلق، حيث نبّهت النائبة نزهة أباكريم، عن الفريق الاشتراكي، إلى تفشي الظاهرة بين أوساط الشباب والمراهقين، خاصة في صفوف التلاميذ، محذّرة من تداعياتها النفسية والمجتمعية، ومشكّكة في مدى فعالية التدابير المعتمدة لاحتواء هذه السلوكات الخطيرة التي تنتشر بشكل واسع عبر الوسائط الاجتماعية.
ويثير اتساع هذه الظاهرة تساؤلات عميقة حول جذورها الاجتماعية والتربوية، كما يعيد النقاش حول الحاجة إلى استراتيجية وقائية متكاملة، تتجاوز البُعد الأمني لتشمل التربية، الدعم النفسي، وإعادة تأهيل الفضاءات العمومية بما يعزز من الشعور الجماعي بالأمان والثقة في المؤسسات