✍️كوثر لعريفي
ارتفع عدد ضحايا الفيضانات التي شهدتها مدينة آسفي إلى 47 وفاة، وفق حصيلة أولية استنادًا إلى الإعلام المحلي، في انتظار استكمال عمليات البحث والإنقاذ، وإنجاز إحصاء دقيق للخسائر البشرية والمادية التي خلفتها هذه الكارثة الأليمة.
وبهذه المناسبة الأليمة، نتقدم بخالص التعازي والمواساة إلى أسر الضحايا، سائلين الله أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم ذويهم جميل الصبر والسلوان.
لا شك أن ما وقع هو قضاء الله وقدره، وأن الفيضانات والكوارث الطبيعية لا تستثني حتى الدول المتقدمة ذات الإمكانيات الكبيرة. غير أن الإقرار بذلك لا ينبغي أن يكون ذريعة لتغييب المساءلة، ولا يعفي من ضرورة فتح تحقيق جدي ومسؤول للوقوف على الأسباب التي جعلت هذه الفيضانات تتحول إلى فاجعة بهذا الحجم، خاصة على مستوى عدد الوفيات.
إن التساؤل يبقى مشروعًا وملحًا حول مدى جاهزية البنية التحتية لتصريف مياه الأمطار، وحول وضعية المدينة القديمة والأحياء المحاذية لمجرى الوادي، التي ظلت تاريخيًا أكثر عرضة لمخاطر الفيضانات. كما يبرز سؤال الاستباق: إلى أي حد تم الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المعروفة لدى الساكنة والمسؤولين على حد سواء؟ وهل وُضعت خطط وقائية حقيقية لتفادي الأسوأ؟
ويظل السؤال الأكثر إلحاحًا مطروحًا بخصوص برنامج تأهيل المدينة القديمة بآسفي:
هل وُجد هذا البرنامج فعلاً؟ وإن كان موجودًا، فلماذا لم يُفعّل؟ ومن يتحمل مسؤولية تجميده أو إقباره، في مدينة تعرف جيدًا طبيعة تضاريسها ومجرى واديها وتاريخه مع الفيضانات؟
إن أهل آسفي ومسؤوليها أدرى بشعابها، والجميع يعرف مواطن الخطر، وما يمكن أن يحدث عند كل تساقط غزير للأمطار. لذلك، فإن ما نحتاجه اليوم لا يقتصر على عبارات التعاطف والتضامن، رغم أهميتها، بل يتطلب أيضًا المحاسبة، واستخلاص الدروس، واتخاذ قرارات شجاعة تضع سلامة المواطن فوق كل اعتبار، حتى لا تتكرر هذه المأساة في المستقبل.




