فيديو “ابتزاز صحفيين” يهز الرأي العام: فضيحة أخلاقية تعري فوضى الإعلام الإلكتروني بالمغرب
تحرير عالي البريكي
أثار فيديو تم تداوله بشكل واسع عقب انعقاد أشغال المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، يوم السبت 31 ماي 2025 بمدينة سلا، صدمة كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية، بعد أن ظهر فيه شاب وفتاة يقدمان نفسيهما كصحفيين وهما يتوسلان أحد منتخبي الحزب للحصول على مبلغ مالي، في مشهد وصفه المتابعون بـ”المخزي” و”المهين لمهنة الصحافة”.
ويوثّق الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فتاة وهي تتحدث إلى أحد قياديي الحزب تطلب منه “دعماً مالياً”، قبل أن يُقدم مرافقها على انتزاع ورقة نقدية (200 درهم) من يد المنتخب بشكل يوحي بالابتزاز، في لحظة تم توثيقها بعدسة هاتف نقال، ما أثار موجة غضب وسخط في صفوف الإعلاميين والناشطين.
“فضيحة أخلاقية ومهنية”… ومطالب بالتحقيق
الحادثة اعتُبرت إساءة مباشرة لصورة الجسم الصحفي المغربي، وللقيم الأخلاقية التي يفترض أن يتحلى بها ممارسو المهنة. وقد تعالت الدعوات إلى فتح تحقيق عاجل من طرف المجلس الوطني للصحافة ووزارة الاتصال، للوقوف على حقيقة الواقعة، وتحديد هوية الثنائي الظاهر في الفيديو، والموقع الإلكتروني الذي يمثلانه، ومدى توفرهم على الاعتمادات والشهادات المهنية القانونية.
وأكدت أصوات مهنية أن ما وقع لا يُعد سوى جزء من مشهد أكثر قتامة تعيشه بعض المواقع الإلكترونية، التي باتت، في غياب الضوابط، تُفتح أمام من لا علاقة لهم بالإعلام، وتحولت إلى أدوات للابتزاز السياسي أو المالي.
أزمة ثقة في الصحافة… من المسؤول؟
يرى عدد من الصحفيين والفاعلين الإعلاميين أن تكرار مثل هذه المشاهد يُسهم في ضرب مصداقية الإعلام أمام الرأي العام، ويُعمّق أزمة الثقة مع المواطنين. كما أشار البعض إلى أن سهولة الحصول على بطاقات الصحافة، وغياب الرقابة الفعلية، جعلا من مهنة الصحافة واجهة يستغلها البعض لأغراض شخصية.
ولا يُعفى بعض الفاعلين السياسيين من المسؤولية، إذ يُتهمون بالمساهمة في هذه الفوضى من خلال التعامل المصلحي مع بعض الأشخاص منتحلي صفة “صحفي”، بمنحهم المال مقابل التغطية أو “التلميع”، في تجاهل تام لأخلاقيات المهنة.
متى تتدخل الجهات الوصية؟
تسلّط هذه الحادثة الضوء على ضرورة إعادة هيكلة المشهد الإعلامي المغربي، خصوصًا في شقه الإلكتروني، وتفعيل آليات المراقبة الصارمة على المواقع التي تنشر محتوى صحفيًا، مع فرض شروط مهنية واضحة لتوظيف الصحفيين، وتطهير المهنة من الدخلاء.
وفي انتظار تحرك رسمي، يبقى السؤال المطروح:
هل سيتعامل المجلس الوطني للصحافة ووزارة الاتصال بجدية مع هذه الفضيحة؟
أم أن الصمت والتساهل سيظلان العنوان الأبرز، إلى حين وقوع فضيحة أخرى تُعرّي واقعًا مهنيًا مهتزًا