القنيطرة : سلام مشاش
شرعت السلطات المختصة في تهييئ خيام في بعض المناطق المتضررة على شكل حجرات دراسية لفائدة الأطفال ضحايا الزلزال لتمكينهم من متابعة دراستهم. وأشرف الجيش المغربي على نصب الخيام المدرسية في منطقة أمزميز بإقليم الحوز، إحدى المناطق المتضررة من الزلزال المدمر الذي ضرب المملكة مخلفا آلاف الوفيات والمصابين. يأتي هذا في إطار الجهود المتواصلة للسلطات المحلية من أجل الاستئناف التدريجي للحياة الطبيعية.
أقسام بديلة
بعد إعلان السلطات تأثر حوالي 550 مؤسسة تعليمية بالمناطق التي ضربها الزلزال، وخاصة في جهتي سوس ومراكش، ولجوء السلطات إلى تعليق الدراسة لضمان سلامة التلاميذ والموظفين، أو لتوظيف بعض مرافق عدد من المؤسسات في إيواء بعض الأسر، انتقلت السلطات المغربية إلى مرحلة جديدة في تعاملها مع آثار الزلزال، وخاصة ما يتعلق بضمان حق الأطفال في التمدرس في حدود دنيا، حيث تتضافر جهود العديد من الفعاليات العمومية والمدنية التطوعية لضمان خيام ومنازل من النوع الذي يتم تركيبه بسهولة لكون المنطقة مقبلة على موسم الشتاء حيث تنزل درجات الحرارة في بعض الجماعات الجبلية إلى ما دون الصفر، وأيضا ضمان حق الأطفال المتضررين في التعلم والاستفادة من بعض الأنشطة التعليمية الترفيهية.
وانصبت نداءات بعض المتطوعين، وخاصة المعروفين بتأثيرهم الإعلامي، للتبرع بخيام، بعضها مخصص للإيواء، كما تابعت «الجريدة»، حيث يتعلق الأمر بخيام مصنوعة من مواد يسهل تركيبها وتفكيكها، ولا تشكل خطرا على قاطنيها في حال وقوع هزات ارتدادية، والتي وصلت حتى الساعة، حسب جهات رسمية، إلى 600 هزة أرضية حدثت بعد الهزة الرئيسية ليلة الجامعة 8 شتنبر.
هذه الخيام بعضها مكلف جدا، ولا يمكن للمواطنين سكان المناطق المتضررة تأمينها. فبحسب مواقع تجارية تعرض هذه الخيام، تتراوح أسعارها ما بين 5 و12 مليون سنتيم. وتجري الآن مفاوضات بين ممثلي السلطات العمومية في سفارات المغرب في أوروبا وكذا في الهند والصين، بحسب مصادر موثوقة، للتعاقد مع شركات لاستيراد خيام تؤوي المتضررين، خصوصا وأن عملية إعادة الإعمار، التي أطلقتها السلطات المغربية بإشراف من الملك، ستتطلب ما بين 5 و6 سنوات، وهي المدة التي ينبغي فيها ضمان تعليم الأطفال، لأن الأمر يتعلق بجيل تعليمي حقيقي.
مع الإشارة هنا إلى أن بعض المتطوعين المغاربة المشهورين في مجالات فنية ورياضية، وخاصة في أوروبا، بادروا إلى إرسال عشرات الخيام من النوع المذكور. ورغم أهمية المبادرة، فإن المصادر تتحدث عن حاجة المتضررين في جهتي سوس ومراكش إلى 100 ألف خيمة للسكن والدراسة بشكل عاجل، وهو رقم كبير يتطلب ميزانية ضخمة شرعت الحكومة في تدبيرها.
تجمعات مدرسية
بات من المؤكد الآن أن زمن المدرسة الفرعية ولى، خصوصا وأن الهندسة التي سيتم تبنيها في إعادة إعمار الدواوير والقرى المتضررة من الزلزال ستأخذ بعين الاعتبار الحاجة لبنيات مدرسية تستلهم فكرة ما يعرف، منذ سنوات، في وزارة التربية الوطنية بـ«المدارس الجماعياتية»، حيث يتم بناء تجمعات مدرسية تحتضن كل حاجيات الأطفال المتمدرسين، من دراسة وإيواء وتغذية، وأنشطة ثقافية ورياضية. وبغض النظر عن كون هذه التجمعات ستواجه مشكلات ثقافية وعرقية ونفسية راكمتها الساكنة، بحكم التركيبة القبلية المحضة للدواوير المتضررة، والمعنية بإعادة الإعمار، فإن وزارة التربية الوطنية، وبتنسيق مع فعاليات مدنية وجهات رسمية، ستعمل على توفير حلول مؤقتة تستلهم الفكرة السابقة نفسها، أي تجمعات مدرسية من الخيام سيتم اختيار أماكنها بدقة وستكون هذه التجمعات تحت إشراف لجان مختلطة، تضم متخصصين في الدعم النفسي لمرافقة الأطفال وإكسابهم القدرة على التكيف مع الوضع الجديد.
في سياق متصل، تعمل السلطات على تنفيذ ترتيبات القرار الملكي بمنح الأطفال المتضررين صفة «مكفولي الأمة»، وهي صفة يعد التعليم والتشغيل والدعم المالي المباشر عناصر أساسية في هذه الصفة. حيث أمر الملك محمد السادس بإحصاء وتجميع الأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم و أضحوا بدون موارد ومنحهم صفة مكفولي الأمة.
ويحظى «مكفولي الأمة» الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة عند وفاة والديهم أو سندهم الرئيسي، وفق مقتضيات قانون 97/33 الصادر سنة 1999 ومرسوم 22 يونيو 2001، بامتيازات من بينها الحصول على بطاقة من لجنة إدارية مكلفة.
ووفقا لمرسوم صادر سنة 2008 يحدد مبلغ الإغاثة السنوي للمكفولين في 15 ألف درهم تؤدى كل ثلاثة أشهر وتقسم سنويا بين الإخوة المكفولين، ويتمتع المستفيد من الأسبقية وفق شروط لولوج المناصب العامة والمباريات الجامعية، إضافة إلى مجانية العلاج والاستشفاء.
ويحدد هذا القانون، الذي سمي بـ«قانون مكفولي الأمة» بالمغرب، شروط تصنيف المواطنين إلى مكفولين، من طرف الدولة. وحصر القانون رقم «97-33» هؤلاء في الأطفال المغاربة الذين قُتل آباؤهم أو أولياء أمورهم الرئيسيون بسبب مشاركتهم في «الدفاع عن المملكة» أو أثناء قيامهم بمهام المحافظة على السلم أو عمليات إنسانية بأمر من القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية. ويتمتع الأطفال المعترف لهم بصفة مكفولي الأمة بحق الرعاية المعنوية والمساعدة المادية المنصوص عليها في القانون، ويخوَّلون الحق في الخدمات التي يمكن أن تقدمها لهم مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين.