عامل المحمدية الجديد: هل يكرر المالكي تجربة الصويرة الناجحة؟
في مشهد يتطلب كفاءات قادرة على الجمع بين الرؤية التقنية والحنكة الإدارية، يبرز اسم عادل المالكي كأحد الأطر المغربية التي نجحت في ترك بصمة واضحة في مجال تدبير الشأن العام. بتعيينه عاملاً على عمالة المحمدية في ماي 2025، يواصل المالكي مسارًا مهنيًا راكم خلاله خبرات واسعة امتدت من القطاع الصناعي والتجاري إلى العمل الترابي والاجتماعي.
من الهندسة الصناعية إلى المراكز العليا للإدارة
ينتمي عادل المالكي إلى جيل الأطر التقنية الذين انتقلوا بسلاسة من التكوين العلمي الصارم إلى المسؤوليات الإدارية. تخرّج من المدرسة المحمدية للمهندسين، إحدى أعرق المؤسسات الجامعية في المغرب، حيث تلقى تكوينًا هندسيًا عالي المستوى مكنه من ولوج بوابة المسؤولية من مدخل تقني دقيق.
بدأ مسيرته المهنية سنة 1993 داخل المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، الذي سيشكل لاحقًا إحدى المحطات الحاسمة في مساره. خلال هذه الفترة، شغل عدة مهام منها مهندس في الصناعات الكيماوية، ورئيس مصلحة السجل المركزي للتجارة، ما أتاح له الإلمام الجيد بخريطة الفاعلين الاقتصاديين على الصعيد الوطني
لاحقًا، بين 1998 و2000، التحق بوزارة الصناعة والتجارة، حيث تولى مسؤولية رئيس قسم الدراسات التجارية، وهو موقع استراتيجي مكنه من المساهمة في رسم السياسات التجارية للبلاد في مرحلة ما بعد التحرير الاقتصادي.
قيادة المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية
في سنة 2008، عُيِّن المالكي مديرًا عامًا للمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، وهو المنصب الذي شغله لعقد من الزمن. خلال هذه الفترة، عمل على تحديث أنظمة تسجيل العلامات التجارية وتبسيط المساطر الإدارية، مساهماً في جعل المكتب منصة فعالة لخدمة المقاولات والاستثمار.
تميزت هذه المرحلة بتوجه نحو الرقمنة، حيث ساهم المكتب في اعتماد خدمات إلكترونية لتقليص آجال معالجة الملفات وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين.
تجربة ميدانية في الصويرة: إدارة تنموية بتوجه اجتماعي
في غشت 2018، انتقل المالكي من المركز إلى الهامش، حيث تم تعيينه عاملاً على إقليم الصويرة، أحد الأقاليم ذات الطبيعة المركبة، جغرافيًا وديموغرافيًا واقتصاديًا.
خلال سبع سنوات من العمل الميداني، أشرف على سلسلة من البرامج والمشاريع التنموية، أبرزها:
• تعزيز البنية التحتية القروية (الطرق، الماء، الكهرباء) في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
• دعم التعاونيات الفلاحية والحرفية من خلال توزيع معدات وآليات إنتاج، وشهادات المطابقة الصحية.
• إطلاق برامج لتمكين الشباب اقتصاديًا وخلق أنشطة مدرة للدخل.
• توسيع العرض الصحي في المناطق القروية من خلال تجهيز الجماعات بسيارات إسعاف.
• تنشيط السياحة البيئية والثقافية، واستقطاب استثمارات في قطاعي الفندقة والصناعة التقليدية.
لقد أظهر المالكي قدرة لافتة على التوفيق بين الرؤية التنموية ومقتضيات التدبير اليومي لشؤون المواطنين، مما عزز الثقة في كفاءته.
مسؤولية جديدة في المحمدية: رهان على الاستمرارية والدينامية
في ماي 2025، وبناءً على ظهير ملكي صادر عن جلالة الملك محمد السادس، تم تعيينه عاملاً على عمالة المحمدية، المدينة ذات الثقل الصناعي والموقع الاستراتيجي بين الدار البيضاء والرباط.
ويُنتظر أن يواصل المالكي نفس النهج القائم على:
• تأهيل البنية التحتية والخدمات الحضرية.
• تعزيز الإدماج الاجتماعي ومواكبة الفئات الهشة.
• تحسين مناخ الأعمال، خاصة في المناطق الصناعية الكبرى بالمحمدية.
• تطوير العرض الثقافي والسياحي للمدينة.
رجل التوازن بين الإدارة والتنمية
يتصف عادل المالكي بقدرة واضحة على العمل في مستويات متعددة: من قيادة مؤسسات إدارية مركزية، إلى الانخراط الفعلي في مشاريع التنمية الميدانية. أسلوبه يتميز بالصرامة الإدارية من جهة، والانفتاح على الشراكات والمقاربة التشاركية من جهة أخرى.
اليوم، وهو على رأس واحدة من أنشط العمالات المغربية، تقترن باسمه آمال كثيرة في تكريس نموذج تنموي متوازن يربط بين الفعالية الاقتصادية والعدالة المجالية
عامل المحمدية الجديد: هل يكرر المالكي تجربة الصويرة الناجحة؟
