شأنكم تيفي..مراد عليوي
أثار الإعلان عن لوائح الانتقاء الأولي الخاصة بولوج المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، مساء الثلاثاء الماضي، موجة غضب واسعة في صفوف المترشحين. عدد من الطلبة، رغم حصولهم على معدلات مرتفعة، فوجئوا بعدم ورود أسمائهم في القوائم الرسمية المنشورة، ما فتح باب التساؤلات من جديد حول معايير الانتقاء ومدى احترامها لمبدأ تكافؤ الفرص.
شهادات عديدة لمترشحين أكدت وجود اختلالات واضحة في اللوائح، حيث تداولت نسخ غير رسمية على منصات التواصل الاجتماعي، اعتبرها البعض مؤشراً على “تلاعب” في عملية الفرز. الأكثر إثارة للجدل أن بعض الأسماء الواردة في اللوائح تعود إلى أقارب مسؤولين نافذين بقطاع الصحة، وهو ما عزز الشكوك بوجود محاباة وزبونية، في وقت يُفترض أن تعتمد هذه المباريات على الشفافية والموضوعية.
هذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها القطاع نفسه في مواجهة اتهامات مماثلة. فقد سبق أن طالت شبهة المحسوبية مباريات السنوات الماضية، حيث أُقصي آلاف الطلبة بدعوى ضعف المعدلات أو عدم استيفاء الشروط، قبل أن تكشف الاحتجاجات عن شبهات تدخلات غير قانونية.
اعتبر وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، كان قد جدد في أكثر من مناسبة التزامه بترسيخ مبادئ الاستحقاق داخل منظومة التكوين الصحي. غير أن ما جرى مؤخراً يضع هذه التعهدات على المحك، ويجعل الوزارة مطالبة بخطوات عملية أكثر من مجرد بيانات تطمينية، عبر فتح تحقيق شفاف ومحاسبة المتورطين إن ثبتت الخروقات.
و تبقى المسؤولية، وفق مراقبين، لا تقتصر على وزارة الصحة وحدها. فالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة تخضع أيضاً لإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. غياب التنسيق بين الوزارتين وضعف آليات المراقبة الإدارية يظلان من أبرز أسباب تكرار هذه الاختلالات، في وقت يُفترض أن يشكل التعليم العالي نموذجاً للنزاهة والشفافية.