تفكك أسري يؤدي إلى كارثة إنسانية: شباب في مهبّ الانحراف بمدينة العرائش

عالي Brigui شأنكم29 مايو 2025Last Update : أسبوعين ago
عالي Brigui شأنكم
رأي خاص
تفكك أسري يؤدي إلى كارثة إنسانية: شباب في مهبّ الانحراف بمدينة العرائش

تفكك أسري يؤدي إلى كارثة إنسانية: شباب في مهبّ الانحراف بمدينة العرائش

العرائش 29 ماي 2025
🖋️ أنوار العسري
شارع الجيش الملكي، ساحة التسامح – عنوان لمأساة يومية تتكرر في صمت.
في مشهد بات مألوفًا لدى سكان مدينة العرائش، وتحديدًا عند المرور بساحة التسامح بشارع الجيش الملكي، يصادف المارة مجموعات من المراهقين والمراهقات، لا تتجاوز أعمارهم بين 13 و16 سنة، وهم في حالة يرثى لها. وجوه شاحبة، نظرات تائهة، وسلوكيات تنبئ بكارثة اجتماعية صامتة.

يُلاحظ أن هؤلاء الفتيان يتوجهون بشكل متكرر نحو المقبرة المجاورة، ليس لزيارة القبور أو الترحم على الموتى، بل لتعاطي المخدرات واستنشاق مادة “السوليسيون” المدمّرة. منظر يدمي القلب ويثير علامات استفهام كبرى حول ما الذي يدفع أطفالًا في عمر الزهور إلى هذا المنحدر الخطير.

وفي محاولة لفهم خلفيات هذه الظاهرة، قادتنا شهادات الساكنة إلى حالة فتاة تقطن بأحد أحياء الشعبية ، تعيش في ظروف أسرية معقدة، حيث تقيم مع والدتها وعشيق والدتها في بيت واحد. هذا الواقع المفكك هو مثال صارخ على بيئة تولّد الضياع، وتنزع عن الأبناء الإحساس بالأمان والانتماء، مما يجعلهم فريسة سهلة للانحراف والإدمان والهروب من الواقع.

غياب المراقبة والتوجيه… مسؤولية مشتركة

المقلق في الأمر ليس فقط الظاهرة في حد ذاتها، بل الصمت المريب الذي يحيط بها. لا توجد رقابة كافية، لا من الأسر، ولا من المؤسسات التعليمية، ولا حتى من الجهات المختصة. كما أن ساحة التسامح – التي يفترض أن تكون رمزًا لقيم التعايش – تحوّلت إلى فضاء للفوضى وانعدام الأمل.

إن دق ناقوس الخطر لم يعد كافيًا. نحن بحاجة إلى تحرك عاجل، جماعي ومسؤول. المجتمع المدني مدعو لتكثيف مبادرات التوعية والإنقاذ، من خلال تنظيم ورشات، ومخيمات، وأنشطة شبابية تفتح أفقًا جديدًا لهؤلاء الفتيان. كما أن السلطات الأمنية والمجالس المنتخبة مطالبة بإعادة النظر في البنية التحتية لهذه الساحات العمومية، وتوفير الإنارة والمراقبة، ومنع استغلالها في أغراض منحرفة.

لا يمكن فصل انحراف المراهقين عن واقعهم الأسري. فحين يغيب الاستقرار داخل الأسرة، تغيب القيم، وتنهار الحواجز التي تحمي الطفل من السقوط. المطلوب هو مصاحبة نفسية وتربوية للأسر المفككة، وتدخل اجتماعي مبكر لإنقاذ الأطفال قبل أن يقع الفأس في الرأي . إن ما يحدث بساحة التسامح في العرائش ليس ظاهرة منعزلة، بل هو انعكاس لأزمة تربوية وأسرية واجتماعية عميقة. ولا يمكن التغلب عليها إلا من خلال رؤية شمولية، يكون فيها البيت، والمدرسة، والمجتمع، والدولة، شركاء في بناء جيل سليم، محصّن ضد الانحراف، ومستعد لصناعة مستقبل أفضل.

خبار عاجل

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...لمعرفة المزيد

موافق