الأحزاب السياسية واختلاس الدعم العمومي ..
غدا بحول الله، الأربعاء 07 ماي 2025، ستصدر محكمة الاستئناف بالرباط قرارها في القضية الثانية التي يتابع فيها الأستاذ محمد زيان والمتعلقة بما اعتبرته النيابة العامة اختلاسا لأموال عمومية.
بعيدا عن الخلفيات السياسية التي رافقت اعتقال الاستاذ زيان إلى يومنا هذا، والمتابعات السريالية المعروفة عند القاصي والداني، فإن الحكم المنتظر يحمل أبعادا سياسية كارثية، ويضع مصداقية الدولة والمؤسسات الدستورية على المحك. ملف المتابعة من حيث الوقائع والمعطيات لا يحمل أي ممارسة لجريمة الاختلاس، بل يتعلق الأمر بمبالغ مالية مخصصة من طرف وزارة الداخلية لفائدة الأحزاب السياسية في إطار تمويل الحملات الانتخابية.
هذه المخصصات تخضع سنويا لتدقيق المجلس الأعلى للحسابات، الذي ينشر تقارير مفصلة عن الحالة المحاسباتية لجميع الأحزاب بدون استثناء، ويوضح فيها المبالغ المستحقة وغير المستحقة استنادا لتقييم وزارة الداخلية للاستحقاقات الانتخابية ولا يعتبرها مختلسة. هذه الأموال تسترجعها وزارة الداخلية في إطار المصارفة مع الاحزاب السياسية بعيدا عن ضجيج المحاكم، ولم يسبق لها أن اشتكت من حزب معين امتنع عن ارجاع هذه المبالغ، بما في ذلك الحزب المغربي الليبرالي برئاسة الأستاذ محمد زيان الذي قام بإرجاع تلك المبالغ الغير مستحقة برسم استحقاقات 2015.
وعليه، فإن اعتبار هذا النوع من الملفات ذا طبيعة جنائية، يعد سابقة خطيرة في تاريخ المغرب، لأنه يحمل في طياته اتهاما صريحا ومباشرا لكل الأمناء العامين للأحزاب الذين سبق لهم أن تلقوا دعما انتخابيا وأعادوا جزءا من لعدم استحقاقه، فهل يعقل أن ينعت كل هؤلاء باختلاس المال العام؟!!!
إن الحكم المنتظر غدا يجب أن يُبنى على قاعدة قانونية سليمة، إما بعدم الاختصاص نظرا لطبيعة المسطرة بحكم أن المجلس الأعلى للحسابات هو صاحب الاختصاص، أو بالبراءة الكاملة، لأن الأفعال المنسوبة لا تندرج تحت أي فصل من فصول القانون الجنائي المتعلق بالاختلاس. إن أي حكم بالإدانة، فسيُفهم منه أن هناك من يعبث بمؤسسات الدولة تحت غطاء القانون، مما يُقوّض الثقة في استقلالية القضاء.
إذا لم تنتفض الأحزاب السياسية في وجه هذا الملف فهي تؤكد للرأي العام بشكل غير مباشر أنها صورية وغير مستقلة ومتواطئة .. الحرية للأستاذ محمد زيان ولجميع المعتقلين السياسيين ..