شأنكم تيفي.. بلعثماني محمد
منذ ثلاثين سنة، وأسرة بلعثماني باحسى، المنحدرة من إقليم الخميسات، تعيش على أمل عودة ربّ الأسرة الذي اختفى في ظروف غامضة لم تُكشف خيوطها حتى اليوم. ابنه بلعثماني محمد لم يتوقف عن البحث عن والده، متنقلاً بين الإدارات والجرائد المحلية، ناشراً نداءات ومناشدات، لكن السنوات مرّت بلا أي خبر يطمئن العائلة.
محمد يؤكد أن والده قبل اختفائه كان سليماً من أي مرض نفسي أو عقلي، ويعيش حياة طبيعية وسط أسرته ومجتمعه. إلا أن صدمة جديدة هزّت العائلة مؤخراً، حين طلب محمد شهادة إدارية من شيخ القبيلة التابع لقيادة الصفاصيف – أيت سيبرن – دائرة الخميسات ضمن مسار البحث، ليتفاجأ بأن الوثيقة الرسمية تصف والده بـ”المريض النفسي والعقلي”.
العائلة تعتبر هذا الوصف مسّاً خطيراً بكرامة المختفي وتشويهاً لصورته، خاصة وأن شيخ القبيلة ليس طبيباً مختصاً ولا يملك أي صلاحية قانونية لإصدار أحكام أو تشخيصات طبية، فضلاً عن غياب أي وثائق طبية رسمية تثبت ذلك.
ويؤكد خبراء القانون أن التشخيص الطبي النفسي أو العقلي من اختصاص حصري للأطباء المرخّص لهم بموجب القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، وأن أي جهة إدارية تصدر توصيفاً طبياً دون سند رسمي تمارس تجاوزاً للصلاحيات قد يعرضها للمساءلة. كما أن الفصل 22 من الدستور المغربي ينص على أن “سلامة الشخص الجسدية والمعنوية لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف، ومن قبل أي جهة خاصة أو عامة”، مما يجعل هذا الفعل مساساً بالسلامة المعنوية وكرامة المختفي، وهو ما تحميه أيضاً المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 17).
من هنا، تطرح الأسرة أسئلة للرأي العام والسلطات المختصة:
هل يحق لأي سلطة إدارية أن تصف شخصاً، سواء كان حياً أو مختفياً، بمرض نفسي أو عقلي دون وثائق أو تقارير طبية رسمية؟
من يحمي كرامة المفقودين وأسمائهم من أي تشويه أو معلومات مغلوطة؟
كيف يمكن للأسرة استرجاع حقها المعنوي في مثل هذه الحالات؟
إزاء ما وقع، قررت الأسرة، ممثلة في شخص الابن، اللجوء إلى القضاء، حيث يتابعون شيخ القبيلة قضائياً، مطالبين بإنصافهم ورد الاعتبار لاسم وكرامة الأب.
وفي هذا السياق، يوجه بلعثماني محمد نداءً عاجلاً إلى كل الجمعيات الحقوقية والإنسانية، وإلى الإعلام الوطني، وإلى الرأي العام، من أجل مساندة قضيته والوقوف بجانب أسرته في هذه المعركة التي يعتبرها معركة كرامة لكل الأسر المغربية. كما يطالب من القضاء المغربي أن ينصفه وينصف عائلته في الجلسة المقررة يوم 17 شتنبر الجاري بالمحكمة الابتدائية بالخميسات.
“منذ 30 سنة ونحن نبحث عن أبينا، ولم نجد له أثرا… فكيف نسمح اليوم أن يشوه اسمه وهو غائب؟”