بقلم : هيئة تحرير شأنكم تيفي
الرباط – 2 أكتوبر 2025
في مثل هذا اليوم من سنة 1999، أسدل الستار على فصل مهم من تاريخ المغرب الحديث برحيل الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، عن عمر ناهز 70 عامًا، بعد أن قضى أكثر من ثلاثة عقود على عرش المملكة. واليوم، وبعد 26 سنة على وفاته، لا تزال بصماته واضحة في ملامح الدولة المغربية الحديثة، ولا يزال صوته يرن في ذاكرة أجيال تربّت على خطاباته التي جمعت بين الحزم والبلاغة، والدهاء السياسي وبعد النظر.
رجل الدولة بامتياز
قاد الحسن الثاني المغرب في فترات دقيقة، حاسمة وحرجة: من مرحلة ما بعد الاستقلال، إلى محاولات الانقلاب، مرورًا بما عُرف بـ”سنوات الجمر والرصاص”. ورغم التحديات الداخلية والإقليمية، استطاع أن يبني دولة قوية البنيان، ذات مؤسسات راسخة، وأن يحافظ على وحدة البلاد الترابية والسياسية، في وقت كانت فيه الكثير من الدول تعاني من التمزق والانقلابات والانقسامات.
لم يكن الحسن الثاني مجرد ملك، بل كان سياسيًا محنّكًا، وخطيبًا فصيح اللسان، يُقنع بالكلمة كما يُقنع بالفعل. لم يكن يخشى المواجهة، ولم يُساوم قط على ثوابت الوطن: الدين، الوحدة الترابية، والملكية.
المغرب في عهد الحسن الثاني
شهد المغرب في عهده تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية، وبدأت ملامح النهضة التعليمية والاقتصادية تتبلور. وكان دائمًا حريصًا على أن تكون المملكة حاضرة في المنتديات الدولية، بصوت قوي وموقف مستقل، خاصة في قضايا إفريقيا والعالم العربي وفلسطين.
أرسى نظامًا سياسيا قائمًا على الملكية التنفيذية، وأشرف على أولى خطوات الانتقال الديمقراطي التي بدأت تتعزز تدريجيًا خلال سنوات حكمه الأخيرة، قبل أن يستكملها الملك محمد السادس بخطى إصلاحية عميقة.
ملك بثقافة الفلاسفة وحنكة الملوك
امتلك الحسن الثاني أدوات رجل الدولة، لكنه لم يكن بعيدًا عن الفكر والثقافة. كان مطلعًا على الأدب والفلسفة والتاريخ، ومتمكنًا من اللغة العربية والفرنسية، وهو ما منح خطاباته طابعًا خاصًا يمزج بين البلاغة السياسية والعمق الحضاري.
وفاء واستمرارية
وفي الذكرى السادسة والعشرين لرحيله، يتجدد وفاء الشعب المغربي لروحه، وتُرفع أكفّ الدعاء له بالرحمة والمغفرة، فيما يتواصل مسار البناء والإصلاح في عهد خلفه، الملك محمد السادس، الذي سار على درب التحديث والانفتاح، واضعًا نصب عينيه استمرارية الدولة وتعزيز مكتسباتها، إلى جانب تأهيل الجيل الجديد من القادة، وعلى رأسهم ولي العهد الأمير مولاي الحسن.
ختامًا…
رحم الله الحسن الثاني، وأسكنه فسيح جناته.




