لا يخفى على أحد أن إقليم تارودانت يشهد منذ شهور تحولات غير مسبوقة، منذ تعيين مبروك ثابت على رأس العمالة في 18 أكتوبر 2024. فقد أبان العامل الجديد عن رغبة واضحة في القطع مع ممارسات متجذرة لعقود، جعلت بعض الوجوه تستمر في مواقع المسؤولية أكثر من غيرها، بما أثر على فعالية الإدارة المحلية.
منذ الأيام الأولى لتعيينه، شرع العامل في تطبيق نظام البصمة لضبط حضور الموظفين ووضع حد للفوضى الإدارية التي وجدت قائمة، قبل أن يُبعد مدير الديوان السابق الذي عَمّر في منصبه لعقود وكان يُعتبر من أبرز الأسماء داخل دواليب العمالة. كما طالب مبروك ثابت وزارة الداخلية بإيفاد لجنة مركزية للوقوف على ملفات بعض رؤساء الأقسام والمصالح التي ثارت حولها تساؤلات وشبهات إدارية.
وحسب معطيات من مصادر متطابقة، يستعد العامل للإعلان خلال الأيام المقبلة عن إعفاءات في صفوف عدد من رؤساء الأقسام ورؤساء المصالح، على أن تُفتح مباريات لتباري الكفاءات على هذه المناصب الحساسة، في خطوة تهدف إلى تجديد الدماء وضخ وجوه جديدة. وتشمل لائحة الإعفاءات محتملين من المسؤولين المقبلين على التقاعد، بعضهم سيحال على المعاش نهاية هذه السنة، وآخرون مع مطلع السنة المقبلة.
لكن الإعفاء وحده لا يكفي، فالرأي العام المحلي يتطلع لأن يُقرن هذا الإجراء بفتح تحقيقات إدارية ورقابية حول ما يُثار بشأن تدبير بعض الملفات، لا سيما في قسم المالية والعتاد، قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، قسم التعمير والبيئة، وقسم الجماعات المحلية، إضافة إلى ملفات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالقسم الاجتماعي. فالتساؤل الذي يطرح نفسه: هل تم تدبير هذه الأقسام بما يضمن النزاهة والفعالية كما تقتضي التوجيهات الملكية، أم أن هناك اختلالات تحتاج إلى الرقابة والتحقيق؟
دعمنا للعامل مبروك ثابت مشروط بقدرته على المضي في هذا المسار إلى نهايته، تفكيك شبكات النفوذ أو ما يصفه الرأي العام المحلي بـ”مسامير الميدة”، وربط المسؤولية بالمحاسبة قبل الاكتفاء بالإعفاءات الشكلية، وإعادة الاعتبار لهيبة الإدارة الترابية كسلطة تنفيذية للتوجيهات الملكية على أرض الواقع.
ساكنة تارودانت تتوسم فيه خيراً، لكن الأمل وحده لا يكفي؛ فالامتحان الحقيقي يكمن في مواجهة لوبيات داخلية ظل أثرها قائماً لعقود. حينها فقط يمكن القول إن مرحلة جديدة قد انطلقت في الإقليم، الذي ينتظر الكثير والكثير.
ولي عودة في مقال لاحق للتوقف عند ما يُثار حول صفقات مالية ومناقشات مرتبطة بتضارب المصالح، وفق المعطيات المتوفرة وما ستكشف عنه الجهات الرقابية المختصة، إذا تم تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة والتحقيق مع كل من طاله الإعفاء من منصبه.