حديث اوجاع القلب و الدماغ” قانون “حماية” الحيوانات الضالة: حين تُجرّم الدولة الرحمة وتُشرعن الإهمال

عالي Brigui شأنكم14 أغسطس 2025Last Update : 9 ساعات ago
عالي Brigui شأنكم
رأي خاص
حديث اوجاع القلب و الدماغ” قانون “حماية” الحيوانات الضالة: حين تُجرّم الدولة الرحمة وتُشرعن الإهمال

 

في مشهد يُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن، وبين القانون والضمير، صادقت الحكومة المغربية على مشروع القانون رقم 19.25 المتعلق بالحيوانات الضالة. عنوانه يوحي بالحماية، لكن مضمونه يُفصح عن منطق عقابي يُعاقب التعاطف ويُكافئ التجاهل.
من التنظيم إلى الردع: انزلاق تشريعي مقلق
القانون يُعلن عن نوايا تنظيمية: مراكز رعاية، إشراف بيطري، تقليص التكاثر. لكن سرعان ما تنقلب النوايا إلى أدوات ردعية، تُجرّم المواطن الذي يُطعم أو يُداوي حيوانًا ضالًا، وتُهدده بغرامات مالية. المادة الخامسة والمادة 44 تُجسّدان هذا الانزلاق، وتُحوّلان الفعل الإنساني إلى مخالفة قانونية.
هنا لا نتحدث عن تنظيم، بل عن تجريم الرحمة. عن قانون يُعاقب من يسدّ فراغ الدولة، بدلًا من مساءلة من تركه قائمًا.
غياب البنية التحتية.. وحضور العقوبة
ما يُثير الريبة أكثر هو غياب البدائل. لا مراكز كافية، لا فرق تدخل، لا ميزانيات معلنة. المواطن يُمنع من التدخل، لكن الدولة لا تتدخل. النتيجة؟ استمرار القتل العشوائي للحيوانات، في ساعات الليل، برصاص المجالس الجماعية، دون إشراف طبي أو قانوني.
أليس هذا تناقضًا صارخًا؟ قانون يُفترض أن يحمي الحيوان، لكنه يُغضّ الطرف عن ممارسات تُهين الحياة وتُسيء للمؤسسات.
المواطن كفاعل اجتماعي.. أم كمتهم؟
في ظل هذا الفراغ، يظهر المواطن المتطوع. لا يطلب شيئًا، فقط يُطعم، يُداوي، يُؤوي. لكنه يُفاجأ بأنه خالف القانون. هذا المنطق يُحبط المبادرات، ويُضعف ثقافة الرفق، ويُحوّل العمل التطوعي إلى تهمة.
هل نريد مجتمعًا يُعاقب على التعاطف؟ أم دولة تُشجّع المبادرة وتُعزز المسؤولية المشتركة؟
تجارب دولية تُلهم.. ومغربية تُعاقب
في دول عديدة، يُمنح المواطن الذي يتبنى حيوانًا امتيازات ضريبية، دعمًا بيطريًا، وتقديرًا مجتمعيًا. أما في المغرب، فالقانون يُلوّح بالرسوم والغرامات، ويُحمّل المواطن عبء الرعاية دون دعم أو شراكة.
هذا ليس تشريعًا للحماية، بل هندسة قانونية تُعيد إنتاج الإهمال، وتُشرعن العقوبة بدلًا من الحل.
القانون لم يُنشر بعد.. والفرصة قائمة
رغم المصادقة، لم يُنشر القانون بعد في الجريدة الرسمية. والمادة 55 تُعلّق التنفيذ إلى حين صدور النصوص التنظيمية. هذه ثغرة زمنية يجب أن تُستغل. المجتمع المدني، والمهتمون بحقوق الحيوان، أمام فرصة للترافع، للتعديل، ولإعادة صياغة قانون يُراعي الواقع بدلًا من معاقبته.
نحو مساءلة حقيقية
القانون ليس مجرد نصوص، بل انعكاس لرؤية الدولة تجاه مواطنيها ومخلوقاتها. وإذا كانت الرحمة تُعاقب، فإننا أمام خلل أخلاقي وتشريعي يستوجب التصحيح.

لا نحتاج إلى قوانين تُجرّم التعاطف، بل إلى تشريعات تُحاسب الإهمال، وتُكرّم المبادرة، وتُعيد الاعتبار للضمير الحي.

خبار عاجل

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...لمعرفة المزيد

موافق