العرائش بين اختصاصات المجلس الجماعي وواقع الإهمال: بنية تحتية متهالكة، أحياء صفيحية، وغابة مستباحة… والمجتمع المدني يُقاوم

عالي Brigui شأنكم2 يونيو 2025Last Update : أسبوعين ago
عالي Brigui شأنكم
رأي خاص
العرائش بين اختصاصات المجلس الجماعي وواقع الإهمال: بنية تحتية متهالكة، أحياء صفيحية، وغابة مستباحة… والمجتمع المدني يُقاوم

العرائش بين اختصاصات المجلس الجماعي وواقع الإهمال: بنية تحتية متهالكة، أحياء صفيحية، وغابة مستباحة… والمجتمع المدني يُقاوم

رغم ما يمنحه القانون التنظيمي 113.14 من صلاحيات واسعة للمجالس الجماعية في تدبير الشأن المحلي وتحقيق التنمية، تبقى مدينة العرائش نموذجًا صارخًا لإخفاق المنتخبين في تفعيل هذه الصلاحيات، في ظل واقع متردٍّ تُميّزه اختلالات بنيوية على مستويات متعددة، من البنية التحتية المهترئة، إلى أزمة السكن، وتدهور الخدمات الصحية، وصولًا إلى الاستنزاف البيئي الخطير.

اختصاصات قانونية… وتعثر في التنفيذ

يُناط بالمجالس الجماعية، وفقًا للقانون التنظيمي، تدبير المرافق العمومية المحلية، وتنزيل برامج التنمية، وتحسين جودة الحياة، عبر خدمات الصحة، التعليم، النقل، والعناية بالبيئة والمجال الحضري. غير أن هذا الإطار التشريعي، رغم وضوحه، يصطدم في العرائش بتسيير يعاني من العشوائية واللامبالاة، وأحيانًا الاستغلال السياسي.

بنية تحتية متهالكة ومشاريع غائبة

تعاني المدينة من تدهور حاد في بنيتها التحتية: شوارع محفّرة، قنوات صرف صحي متهالكة، إنارة عمومية منعدمة في أحياء عدة، وغياب شبه تام للمرافق الرياضية والترفيهية. ويعكس هذا الوضع فشلًا واضحًا في إعداد رؤية تنموية حقيقية تُراعي متطلبات الساكنة وحاجيات المدينة المتزايدة.

دور الصفيح… فشل مزمن في السياسات السكنية

تستمر أحياء الصفيح مثل “جنان باشا الشرقية”، “الكواش”، “جنان بيضاوة”، و”القشلا” في تقديم صورة قاتمة عن فشل برامج إعادة الإيواء، وعجز المجلس عن صياغة سياسة سكنية تحترم كرامة الإنسان. مع تفشي البناء العشوائي وغياب حلول ملموسة، تتحول هذه المناطق إلى قنابل اجتماعية موقوتة.

“لايبيكا”… المتنفس البيئي في خطر

تُواجه غابة لايبيكا، التي تُعد المتنفس الطبيعي الوحيد لساكنة العرائش، خطر الزوال بسبب الزحف العمراني العشوائي، قطع الأشجار، ورمي نفايات البناء، في ظل صمت مريب من المجلس الجماعي، وعدم تفعيل أي آليات لحماية هذا الفضاء البيئي الحيوي.

الصحة في غرفة الإنعاش

أما الوضع الصحي، فليس بأفضل حال، حيث يشهد المستشفى الإقليمي اكتظاظًا حادًا، ونقصًا في الأطر الطبية والتجهيزات، ما يدفع المرضى للتوجه نحو مدن أخرى طلبًا للعلاج. ومع غياب مستشفى جامعي أو مركزي، يتعمق الإحساس بـالتهميش الصحي لدى المواطنين.

تجاوزات… وغياب للمحاسبة

تُسجل مصادر محلية تجاوزات في تدبير الصفقات، وتوظيفات مشبوهة، وتوزيع غير عادل للموارد، وسط غياب آليات فعالة للرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة. وتُسائل هذه الاختلالات دور سلطات الرقابة الجهوية والمركزية في ضمان الشفافية في تسيير الشأن العام المحلي.

المجتمع المدني… بصيص الأمل

في ظل هذا الوضع، يُمثل المجتمع المدني صوتًا مقاومًا وحاضرًا، حيث أطلقت جمعيات محلية مبادرات تنبيه، نظّمت وقفات احتجاجية، ورفعت تقارير وشكاوى للجهات المعنية. كما أبانت بعض الفعاليات عن وعي عالٍ بضرورة الضغط المستمر لإحداث التغيير.

الرهان على الإرادة السياسية والمواطنة الفاعلة

إن إنقاذ العرائش من مستنقع الإهمال والفساد يمرّ عبر تفعيل حقيقي للحكامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإشراك المواطنين في مراقبة أداء ممثليهم المحليين. فالمطلوب ليس فقط تشخيص الأزمة، بل بلورة حلول عملية تُعيد الاعتبار لمدينة بتاريخ عريق ومؤهلات واعدة.

فهل ستبقى العرائش رهينة مجلس جماعي عاجز؟ أم أن نبض المجتمع المدني سيكون كافيًا لرسم معالم مستقبل أفضل؟

خبار عاجل

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...لمعرفة المزيد

موافق